منطقي القول إن صورة التحالفات التي رافقت الانتخابات الرئاسية لم تبق على ما كانت عليه بعد حصول الاستحقاق، بينما المنطق يقول إن الحلفاء الذين خاضوا المعركة الرئاسية منذ اليوم الاول، هم الذين يبقون في مقدمة المشهد. وفي هذا السياق، لا يمكن بناء علاقات أو وضع خطة تواصل سياسي على أساس التحالفات التي قامت على خلفية الاستحقاق الرئاسي.
إن «القوات اللبنانية» جاءت مضطرة الى مربع العماد عون. لم يكن لديها الخيار. ربما كان لدى قيادتها الشجاعة للإقرار بالأمر قبل الآخرين، وتحديداً قبل الرئيس سعد الحريري. لكن فعل «القوات» لا يخرج عن إطار حفظ المصلحة المباشرة، والحد من الخسائر، بمعزل عن كل أوهام الحالمين بوراثة هنا وتركة هناك. وخطوة «القوات» هذه، وكونها محصورة في المصلحة المباشرة، لم تأخذ أي طابع سياسي، ولم تلزم «القوات» بأي تغيير حقيقي في خطابها أو موقفها السياسي. وما فعلته، هو أنها تملك بعض الاصوات في المجلس النيابي، ولها حيثية معتبرة في الشارع المسيحي، وهي أدوات يحتاج إليها العماد عون في معركته الرئاسية. لكن لا يمكن أن يكون ثمنها شبيهاً بما يفترض أن يناله حلفاء خاضوا المعركة من اليوم الاول، وقدموا أكثر مما يعتقد كثيرون لأجل الوصول الى النتيجة. وهذا لا يعني أن على عون تقديم مقابل لفريق مثل «حزب الله»، لكن على العماد عون أن لا يخضع لابتزاز «القوات اللبنانية»، وهو يعرف أن ما تريده «القوات» من حقائب في هذه الحكومة، إنما تريد استخدامه مبكراً في المعركة الانتخابية.
لذلك، فإن مبدأ «دفع المقابل» يلزم العماد عون الأخذ في الاعتبار البيئة التي نشط حزب الله على تعزيز موقع العماد عون فيها. وهي بيئة على خلاف حقيقي وجوهري مع «القوات اللبنانية». ومثلما لم يترك «حزب الله» المجال لشريكه الشيعي، أي الرئيس نبيه بري، لممارسة أي ضغط بما خصّ المعركة الرئاسية، فمن المنطقي ألا يسمح العماد عون لمن يرغب في أن يكون شريكه المسيحي، أي «القوات»، بأي لعبة ابتزاز أو ضغط في الملف الحكومي.
إن حساباً بسيطاً يفرض أن تحصل كتلة التغيير والاصلاح ــ التي تضم أكثر من 20 نائباً ــ على ضعف حصة «القوات اللبنانية» التي تضم كتلتها 8 نواب. وكل محاولة للمبالغة، أو الوهم، بقيام ثنائية مسيحية شبيهة بالثنائية الشيعية، هي خطأ قاتل.
المصدر: الأخبار